الخميس، ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٥ هـ

#كورونا

ماذا أفعل إذا ظهرت الأعراض؟

متى أذهب إلى الطوارئ؟

كيف أحمي نفسي وأهلي؟

أسئلة مهمة تتردد في ذهن كل شخص حول #فيروس_كورونا

هذه التساؤلات وغيرها .. كتبتها مع زميلي الدكتور محمد بن حسن الفيلالي على الرابط أدناه لزيادة الوعي الصحي لدى المجتمع حول هذا المرض في مقالة بعنوان : 

(8 أسئلة مهمة عن مرض كورونا)

حمانا الله وإياكم وأحبابنا من كل مكروه .. ونسأله تعالى الشفاء العاجل لكل المرضى وأن يرحم من توفي من أمواتنا وأموات المسلمين .. اللهم آمين

http://goo.gl/4KCEr5


الثلاثاء، ١١ ذو القعدة ١٤٣٤ هـ

جحا وحماره وولده في سيدني


 ونس أبون أتايم

  خرج جحا مع ولده وحماره ذات ليلة .. ليتمشى في الدارلنق هاربر

وكان جحا راكبا على حماره وولده يمشي خلفه .. فمرّ على مجموعة من القوم الأسترال في الدارلنق هاربر .. فقالوا واتز قوينق مايت 
؟؟ يالقسوة قلبك يا مايت .. أتركب على الحمار وتدع ولدك فلذة كبدك يمشي على رجليه !! يالك من أب قاس .

فنزل جحا على الفور من حماره وأركب ولده .. وأخذ يمشي هو خلف حماره .. فلما بلغوا ناحية الأوبرا هاوس .. إذا بمجموعة من الأبوروجينيز (سكّان أستراليا الأصليين) ينظرون إليهم نظرة استغراب .. وقالوا انظروا إلى ذلك الولد الشقي العاق .. يركب على الحمار مستريحا ، بينما أباه يمشي على رجليه !! ألا يحترم أباه ويوقّره ؟؟
ونظروا إلى جحا بنظرة لم يفهم معناها ، فحملق بحاجبيه .. ومطّ شفتيه ، ثم قالوا له ( كانقارو ولنجونج لاكمبا ) .. فلم يفهم ما يقول أولئك القوم ، لكنه أشار على ولده بأن يصعد معه على الحمار .. فأصبح جحا وولده على الحمار ، فنهق الحمار نهقة دوّى صداها في الأوبرا هاوس لمدة 3 أيام متتالية .. وذلك إثر تحمله لجحا وولده ، فكلاهما على ظهره .

رأى ذلك المنظر المهيب مجموعة من الصينيين .. فتفاجئوا من هول المنظر .. حتى كادت عيونهم أن تتفتح من شدة عجبهم واستنكارهم
 .. وقالوا لبعضهم (تشرق شونق جنق شنق) أي لقد كاد الحمار أن يشرق من شدة تحمّله لهذين الشخصين القاسيين اللذان يستحقان الشنق !! فلمّا سمع جحا ذلك نزل من ظهر الحمار على الفور وأنزل ولده كذلك .. وقال له لنمش هكذا ولندع الحمار وحده .. وإلا فسيشنقنا الصينيون ويأكلوننا مع الصويا صوص والنودلز . فلم يفهم ابنه ما قاله أباه لكنه استجاب لأمره .

وظلا يمشيان فترة طويلة عبر الإم فايف (أحد أسرع الشوارع في سيدني) والحمار سعيدا فقد خف حمله .. وها هو في طريق سريع .. 
ولأول مرّة في سيدني يمشي حمار جحا فوق الـ 60 كلم

وفجأة إذا بصوت غريب ...

فالتفت جحا ناحية الصوت .. فرأى رجلا قد أوقف دابّته السوداء العجيبة .. واتجه نحو جحا ، فتوجّس جحا منه واستعاذ بالله من شرّه ، فلمّا رآه مبتسما .. اطمأن جحا وارتاح ، وذهب عنه روعه . فابتدأه الرجل بالترحيب قائلا (أهلين .. كيفك حبيييييييييب ؟؟) فتفاجأ جحا واستغرب ، وقال له (أتتحدث اللغة العربية يا هذا ؟؟) فقال صاحبنا (إيه بحكي عربي أخيييي .. ومن يوم ما شفتك لابس هاي العرئية والعباية .. عرفتك انك عربي) لكن جحا لم يفهم جلّ كلام الرجل .. لكنه حمد الله أن بعث له هذا الرجل .. ثم أشار صاحبنا اللبناني على جحا أن يردفه معه على دابّته الكومودور ذات البابين والحوض الخلفي (أو كما يحب أن يسميه البعض .. ونيت لومينا .. والذي لا يوجد مثله في السعودية !!!) فركب جحا وابنه في الغمارة .. وجلس الحمار في الحوض الخلفي مستمتعا بالهواء يداعب شعره .
وأخذا يتبادلان أطراف الحديث .. وحكى جحا للرجل حكايته مع مجموعة الأسترال المختلفين .. وكيف أن كل مجموعة من هؤلاء المجموعات لم يرتضوا منه عملا عمله .. فكاد أن يصاب بالإحباط .
فقال له اللبناني (الناس هونييي .. ما بيعجبهم العجب ، ولا الصيام برجب)

ومهما فعلت فلم ولن يعجبهم شيء .. حتى لو كنت رئيسا للنادي السعودي .. فلن تُرضي جميع المبتعثين .. فخذ بنصيحتي .. واعمل ما تراه مناسبا ، وشاور أصحاب الفكر السديد .. وراقب الله سبحانه وتعالى ، ولا تراقب الناس .

فمن راقب الناس مات همّا .


المبتعث /

د. أسامة بن عبدالله بارشيد



الثلاثاء، ٢ صفر ١٤٣٣ هـ

كل هذا .. من أجل جملة !!

مقالة عن قيمة العلم بعنوان :

كل هذا .. من أجل جملة!!

 في كل يوم يفتح الطالب كتابه ليستذكر بعض المعلومات .. أو يفتح مذكراته الدراسية ليسجل بعض الملاحظات ، هذا في حالة المجتهدين أو ما نسميهم (بالدوافير) !!

 ويغلب على بقية الطلاب أن يفتحوا كتبهم ، ويراجعوا دروسهم قبل الإمتحانات بأيام قليلة .

وبعد انتهاء الإمتحانات .. تُرفع الكتب والمذكرات فوق أرفف المكتبات ، حتى يعلوها الغبار .. ولا نعود إليها إلى أن يحين موعد الإختبارات التالية.

هذا ما يحدث عادة في مجتمع الطلاب ، سواءاً كانوا مبتعثين في الخارج أو دارسين في الوطن .

ولا أخفيكم سراً بقولي أنني واحد من هذا المجتمع ، وينطبق عليّ ما ينطبق على جميع الطلاب مما ذكرت آنفا .

لكن حصل لي موقف قريب .. غير تعاملي مع الكتب ، ونظرتي للمعلومات ، تغييرا جذريا .. تجاوز المائة والثمانون درجة !!

 حدث هذا الموقف أثناء رحلتي الميدانية لبحث الدكتوراه في موسم الحج .

بداية الموقف كانت بجملة عابرة خرجت من صديقي بعد أن أعياه التعب والإنهاك .. قالها وهو يرمي بجسده في فراشه داخل خيمتنا .. قالها بنبرة المازح والمتهكم (دحين كل هذا .. عشان معلومة يمكن ما تتعدى جملة واحدة في كتاب !!)

 حينها توقف جسدي في مكانه .. وانطلق ذهني في رحلة سريعة للماضي يراجع فيها ذكرياااات دراسية طوييييلة ..

 ابتداءاً من سنوات المرحلة الإبتدائية الست ..

 مروراً بست سنوات أخرى في المتوسطة والثانوية ..

 ثم سنوات الطب الست ، وما أدراك ما سنوات الطب (فالطب مطب .. من طب فيه فقد طب) كما قلت في المثل العربي الأصيل حينما خطوت بأقدامي أولى خطوات الطب .. هذه عدا سنة الإمتياز (السنة السابعة الكبيسة) ..

 وبعدها سنتي الماجستير .. وها أنا الآن على بداية أعتاب مرحلة الدكتوراه ..

سنوات طويلة مرّت من عمري .. يا ترى ، كم من الجُمل والصفحات والكتب العلمية التي مرّت عليّ في تلك السنين ؟؟

 ما هي قيمتها ؟؟ وكيف جمعها العلماء ؟ وكم من الجهد والمال والوقت قد بُذل من أجل أن تخرج لنا هذه المعلومات بهذا الوضوح .. لنقرأها بسيطة صافية نقية كنقاوة الماء الذي نشربه .. وهنا تذكرت جدتي حينما تدعو لنا دوماً في أيام الإمتحانات فتقول ببساطتها المعتادة (الله يجعله لكم كما الماء) .. يعني سهلاً صافيا وواضحاً ، لا لبس فيه و لا تعقيد و لا تكدير .

ثم ذهب بي ذهني إلى أبعد من هذه الذكريات الدراسية .. حتى لكأنه قفز بسرعة البرق .. ممتطيا آلة الزمن إلى الوراء ..

وفجأة توقف !! فإذا أنا في مدينة صغيرة بعيدة .. وإذا برجل وقور مهيب ، يمشي متكئا على عصاه .. يقصد منزلا في أسفل الطريق .. تبدو عليه آثار التعب والضيق ..

أتدرون من هذا ؟ إنه الإمام البخاري رحمه الله صاحب أصح كتاب في الحديث .. جاء لهذه المدينة مسافراً قرابة شهر كامل (بدون سيارة أو طيارة) !!

قطع كل هذه المسافات ، ليحصل على معلومة واحدة .. على حديث قيل أن هناك رجلا يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فلما وصل البخاري دار هذا الرجل .. وجده ينادي على فرسه وهو رافع ثوبه ، كأنه يحمل معه في حجره شيئاً .. فلما وصلت الفرس أمسك بها ، وفتح حجره فإذا به خالياً !!

وحينما رأى الإمام البخاري رحمه الله هذا المنظر .. دُهش ، ورجع من حيث أتى .. رجع مسيرة شهر كامل آخر !!

 ولم يرو عن هذا الرجل الذي كذب على فرسه ، خشية أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فأمضى البخاري رحمه الله بهذا سفراً طويلاً يزيد عن الشهرين .. مع ما في ذلك من التعب والإنهاك والمخاطرة والجهد والمشقة .. من أجل أن يخرج بجملة واحدة ..

 (هذا حديث غير صحيح !!) .. فما أغلاها من جملة .. وما أعلاها من همة ..

عدت بعد ذلك لخيمتي .. وعاودت النظر لزملائي في البحث .. فإذا هم مرهقون جداً ، وأجسادهم لا تكاد تحملهم .

و سأقرّب لكم صورة هذا الجهد الذي بُذل في بحثنا .. لتعيشوا معنى جملة صديقي حينما قال (كل هذا !!) ..

 كل هذا بدأ قبل سنة تقريباً ..

 كانت فكرة البحث تدور حول معرفة السبل الأفضل للوقاية من الأنفلونزا والأمراض الصدرية المعدية والحد من انتشارها بين الحجاج في موسم الحج .

وقد تبلورت فكرة البحث بعد جهد ذهني كبير ، ووقت طويل في العصف والتفكير .. ومراجعة أكثر من سبعين بحثا ودراسة تتعلق بصحة الحجيج .

ثم كان الجهد العلمي في إيجاد الطرق والوسائل العلمية الصحيحة لوضع آلية عمل الدراسة ونوعية الأدوات العلمية المثلى للإجابة على تساؤلات البحث .. كل ذلك تم مع نخبة من الأساتذة والمشرفين من كلية الطب بجامعة سيدني .

بعد ذلك انتقلنا لمرحلة عظمى .. ألا وهي مرحلة المراسلات والتنسيق والمتابعات مع الدوائر الحكومية المختلفة (يعني اشتغلنا معقبين) في أستراليا والسعودية ، ما بين وزارة الصحة في ولاية نيو ساوث ويلز .. والملحقية الثقافية ، والسفارة السعودية في دولة أستراليا .. ووزارة التعليم العالي بالسعودية ، ووزارة الصحة ، ووزارة الحج ، ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج ، والشئون الصحية بالعاصمة المقدسة ، والهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف ، ومؤسسة حجاج مسلمي تركيا وأمريكا وأوروبا وأستراليا ، والهيئة العامة للغذاء والدواء ، ومصلحة الجمارك ، ووو .... إلى آخر ذلك .

 ولا أكتمكم سراً إن قلت لكم أن هذه المرحلة قد تكون من أشد المراحل تعباً وجهداً وإنهاكاً وتعقيداً .. حتى أنني أصبت في تلك الفترة بمرض القولون العصبي ، ومرض الحمبتري (اسألوا أهل مكة عنه!!) .

وأخيراً وليس آخراً .. كانت مرحلة العمل الميداني .. والجهد البدني ، في متابعة الحجاج وفحصهم طبياً .. وأخذ العينات ممن ظهرت عليه أعراض الأنفلونزا .

وكان جهداً بدنياً كبيرا .. حيث كان معدل المشي والتنقل على الأقدام يستغرق منا حوالي 6 – 8 ساعات يوميا !! حتى أننا بالكاد نجد وقتا لتناول الطعام أو شرب الماء .

أما معدل النوم .. فكان ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميا فقط .. ولا تسأل عن مكان النوم ، أو كيفية النوم ؟! (خلي الطابق مستور) .

أما باقي الأوقات ، فنكون مع الحجاج .. ما بين فحص مريض .. ومتابعة آخر ، وأخذ عينات من هذا .. وشرح طريقة العلاج لذلك .. طيلة أيام الحج .

سبع أيام كانت عجاف من الأكل والماء والراحة .. لكنها سبع سمان بالأجر والعلم والطاعة ..

 كل هذا .. كما قال صاحبي ، من أجل جملة ..

 جملة واحدة فقط .. قد تراها بعد ذلك أيها القارئ العزيز في كتاب أو ورقة علمية ..

كل هذا .. لنقول للناس جملة واحدة .. ( إن الكمامات تقي بإذن الله من انتشار عدوى الأنفلونزا بنسبة كذا .. ) ..

أو قد تكون هذه الجملة كالتالي .. ( للأسف .. لم تثبت فاعلية الكمامات في الوقاية من عدوى الأنفونزا في الحج ) ..

كلا الجملتين صغيرة .. لكن الجهود التي بذلت لصياغتها كبيرة ..

وبعد هذه التجربة الثريّة النديّة .. صرت أقدّر كل جملة أو معلومة أقرؤها في كتاب أو بحث علمي .. فهل ستقدرها أنت ؟؟!!

ختاماً .. أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقني وإياكم العلم النافع .. والعمل الصالح ..

وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم .. إنه سميع مجيب .




 وكتبه :
د. أسامة بن عبدالله بارشيد
أخصائي الصحة العامة وطب المجتمع
طالب دكتوراه في جامعة سيدني – أستراليا
 الاثنين غرة صفر 1433 هـ

الخميس، ١٤ شوال ١٤٣١ هـ

حتى لا تُدركنا اللعنة ؟!!؟

حتى لا تُدركنا اللعنة ؟؟!!؟؟

غريبة هي عقولنا وأفهامنا .. أحيانا نقع في أخطاء غيرنا ، ونحن نعلم أنها أخطاء .. وكنّا نلومهم عليها .. ثم ها نحن نقع فيها دونما نقصد أو نقصد

نقرأ في كتاب الله سبحانه وتعالى قصص بني إسرائيل الواحدة تلو الأخرى ، وكيف أنهم تدرّجوا في البعد عن الله حتى أصبحوا يألفون المعاصي .. فاستحقوا بذلك لعنة الله تعالى على لسان أنبيائه الكرام ، فقال تعالى ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوّا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ... ) الآية

ثم إنهم ازداد طغيانهم حتى رفعوا أنفسهم عن المكانة التي خلقهم الله عليها كبشر ، وقالوا هم والنصارى ( نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق .... ) الآية ، وطغوا وبغوا في الأرض فسادا وادّعوا أنهم شعب الله المختار ، وأن بقية الأمم قد خلقت لخدمتهم مثلها مثل الحيوانات والدواب ؟؟!!؟؟

وهذه المعصية ( الكبر والغطرسة والعلوّ) قد بدأت تظهر في بعض المجتمعات المسلمة .. وقد لفت نظري التغطية الإعلامية في الصحف السعوديّة لما حصل للفتاة الجزائرية رحمها الله ، و غفر لها ورزق أهلها الصبر والسلوان ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يُظهر الحق في قضيتها

للأسف .. أقولها وأنا أعنيها .. أظهر الإعلام أنه لمّا باشرت السلطات الأمنية موقع الحدث .. قبضت على اليمانيين والبنغلاديشيين فقط ، وحققت معهم .. ولم يتم توجيه إصبع الشك أو حتى التحقيق الروتيني مع أي شخص سعودي ؟؟!!؟؟ لا صاحب الفندق ، ولا موظف الاستقبال ، ولا أي أحد .. ثم ركّزت التغطية الإعلاميّة على أن اليمني المدان لا يملك إقامة نظامية .. وتم تحويل القضية وتحويرها في العمالة الغير نظامية وأنها هي سبب كل أنواع البلاء في السعودية ؟؟!!؟؟

هكذا بكل بساطة وسذاجة .. كلما حصلت مشكلة ، يتم تحويلها وتحويرها على غير السعوديين (أو ما يسمّون بالأجانب) ، ولا يتم تسليط ولو بعض من الضوء على السعوديين الذين قد يكونوا هم أسّ البلاء وأساس المشكلة

هذه النظرة الاستعلائيّة والاستعدائيّة .. لغير السعوديين ، من المقيمين بشكل نظامي أو غير نظامي .. تشبه تماما نظرة بني إسرائيل لغير الإسرائيلين (أو مايسمّون بالأمميين) التي جعلتهم يستعلون ويستكبرون .. ثم استحقوا بعد ذلك لعنة الله وعذابه

فهل نتناصح فيما بيننا .. في أن نراجع نظراتنا وتعاملنا مع غيرنا

وأن نضع أنفسنا في الموضع الذي يحبه الله ويرضاه .. وهو أننا جميعا عبيدا لله .. مسلمنا وكافرنا .. عربينا وأعجمينا .. سعودينا وأجنبينا

فلنكن عبيدا لله .. لا عبيدا لأنفسنا والشيطان

وفقني الله وإياكم للهدى والتقى .. وجمعنا في الجنة ، ونعم الملتقى


محبكم

أبوشهد .. أسامة بارشيد

الخميس، ٧ محرم ١٤٣١ هـ

ماذا بعد الحج

في نهاية كل عام هجري ، يجتمع الملايين من المسلمين في بقعة واحدة بل في واد واحد ليختموا عامهم بأداء الركن الخامس من أركان ديننا الإسلامي الحنيف .

في ذلك الوقت يجتمع الملايين في وقت واحد ويلبسون زيّا واحدا ويدعون ربّا واحدا .. وينهجون منهجا واحدا . قلوبهم .. كقلب رجل واحد ، وصدورهم لا فيها حاقد ولا حاسد . يجلس الغني بجانب الفقير .. فلا يسأله عن رصيده في البنك ، ويجلس العربي بجانب العجمي ، فلا فرق بين أسود ولا أبيض ، ولا متعلم ولا جاهل ، ولا ذكر ولا أنثى . الكل ينظر للآخر نظرة الجسد الواحد .. إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، كما نقرأ في أحاديث الترغيب في اجتماع الأمة. وحينما ينتهي الملايين من أداء فريضة الحج فإنهم يعودون إلى ديارهم وقد غفرت لهم ذنوبهم ، لكن بعضهم ينسى وراءه في ذلك الوادي ما تعلم من دروس ، وما خالط النفوس من وحدة الصف وجمع الكلمة .. ومحبة الخير للغير ، فيعود ليرى نفسه من جديد خيرا من ذلك الفقير ، أو أعلى من ذلك الحقير .. فهو لديه ملايين الدولارات ، وتخرج من أعلى الجامعات .. وهو على مرتبة وزير ، فأنى له أن يجالس الفقير !! فياسبحان الله .. وكأن ماكان في عرفات ، هو شيء من الخرافات .. أو أنه أمر لا يتجاوز تلك اللحظات .

وأنا أتأمل مع نفسي تلك المعاني .. قلت لنفسي : لعل هذا من باب قول الله سبحانه وتعالى : ( ولا يزالون مختلفين ..) ، فقالت لي نفسي ولكن الله سبحانه وتعالى يقول كذلك : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ، فجلست في حيرة من أمري ، فهل اختلاف المسلمين وتفرقهم أمر طبيعي ، أم أنه منكر وذنب نهانا الله عنه ؟؟ هل الأصل في أمة المسلمين أن يكونوا مختلفين من باب ولا يزالون مختلفين ، أم ماذا ؟؟

حينها ذكّرتني نفسي بمواقف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تؤيد وتدعم اجتماع المسلمين وتوحّد كلمتهم ، وأن جمع الكلمة أولوية قصوى في هذه الأمة ، حيث أنها كانت أولى اللبنات في بناء هذه الأمة المحمدية ، فأول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حينما أسس هذه الأمة كان بناء المسجد ، والمؤاخاة .

وحينما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجري والأنصاري ، لم يطالبهم بتغيير ألقابهم من باب التآخي والاجتماع ، فلم يقل للمهاجري امسح لقبك وبدله بغيره ، ولم ينكر على الخزرجي أو الأوسي ذلك .. فهذا اختلاف تنوع ، ومادام الاختلاف والتعدد في النوع لا يؤدي إلى خلاف في النفوس ، فهو أمر مقبول . لكن حينما انقلب هذا الاختلاف إلى خلاف وتعصب وتحزب ، وتداعى كل لنسبه فقال أحدهم يا للأنصار وهتف الآخر يا للمهاجرين وبدأت التفرقة ، هنا دق رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقوس الخطر ، ووضع خطا أحمر وغضب من هذا المنكر العظيم .. منكر الفرقة وتشتيت الأمة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ) ، ثم قال مبينا فسادها وكسادها ( دعوها فإنها منتنة ) .

ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغني غناه ، ولا على صاحب المنصب أو الجاه ، ما دام لا يطغى على إخوانه ، أو يرى نفسه خيرا منهم .. بل أمره بالزكاة والصدقة ، وأن لا يمن بصدقته .

حينها اتضحت في عيني الأمور .. وانقشعت الحيرة التي كانت بيني وبين نفسي ، وعلمت أن الاختلاف والتعدد مادام خلافا في النوع ، فهذا طبيعي .. فلا غنى للغني عن الفقير ، والطبيب يحتاج للمريض كحاجة المريض له ، فالأمة تحتاج للمفكر والصانع والفارس والبائع مادام كل في ثغره بارع .. وهي كذلك تحتاج للصغير والكبير والذكر والأنثى سواء بسواء .

فهل نعي هذا الدرس من دروس الحج كل عام ، وهلاّ نطبقه في حياتنا تطبيقا عمليا لا مجرد كلام . أم نتركه وراءنا في منى وعرفات ، ثم نعود ونكرره في كل السنوات !!

أتمنى أن ننتقل من الأقوال إلى الأفعال .

اللهم وحد صفوف وقلوب المسلمين .. واجمع كلمتنا على الحق والدين .. اللهم آمين .

السبت، ٤ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

عام الشباب 2010

الشباب هو الأمل .. هو الحماسة والعمل ، الشباب هم طاقة الأمة وروحها المتوقّدة التي تشع نشاطا وقوة ، وإنما تقاس قوة الأمة وقدرتها على البقاء بين الأمم الأخرى بقدر ما فيها من شباب يحملون قيمها ويحفظون تاريخها ويحافظون على هويتها

والنبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما أنشأ هذه الأمة .. اهتم بشبابها كما اهتم بشيوخها وأطفالها ، بل إنه كان يقدّم الشباب أحيانا كثيرة على الشيوخ ، ويتجلى ذلك في أكثر من موقف في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم . ففي مَهمّة مُهمّة لهذه الأمّة .. والتي هي نقلة نوعيّة في تاريخ الإسلام ، في إرسال جيش لإيصال دين الله عز وجل إلى بلاد الشام والتي كان يحكمها الروم في ذلك الوقت ، اختار النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الصحابي أسامة بن زيد رضي الله عنه لهذه المهمّة ، وقدّمه على شيوخ الصحابة وفيهم أبابكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .. وهذا ليس تقليلا من شأن الشيوخ لكنها الثقة بحماسة الشباب وروحهم الوثّابة

وفي غزوة أحد ، شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه حول كيفية ملاقاة الأعداء من كفار قريش الذين جاؤوا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبعد المشاورات والاجتماعات خرج شباب الصحابة برأي الخروج إلى أحد لملاقاة الأعداء هناك ، وخرج شيوخ الصحابة ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم بخطة حرب الشوارع أي داخل المدينة . وفي نهاية المطاف قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي الشباب من الصحابة وذلك لكثرتهم وحصولهم على أغلبية التصويت ، وتراجع عن رأيه صلى الله عليه وسلم . ففي هذه القصّة لفتة مهمة في إشراك الشباب اليافعين في كل قضايا الأمة حتى لو كانت مصيرية وتعني بقاء الأمّة أو زوالها

وفي المقابل فلقد كان شباب الصحابة يعطون آذانهم وأذهانهم لشيوخ الصحابة فيستنيروا برأيهم ويستلهموا الحكمة منهم

ومن هذا فإنّي أعوّل في شباب المبتعثين خيرا في إدارة النادي للعام القادم ، ولنجعل عام 2010 عام الشباب . فيا شبابنا سنعطيكم أصواتنا فأعطونا آذانكم

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح .. وثبتنا على الحق حتى نلقاه .. اللهم آمين